إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
68803 مشاهدة print word pdf
line-top
الخروج على الأئمة

36- ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأيِّ وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية .
37- ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السُّنّة والطريق .


الخروج على الأئمة يحصل به مفاسد كثيرة، فيحصل به فتن وقتل واضطهاد لأهل الخير، ويحصل به إذلال لأهل الدين، ولأهل الإيمان، ولأهل العلم، ولأهل العمل الصالح، ويحصل بذلك مفاسد، وقد جرب ذلك في العصور الأولى، كالذين مثلا خرجوا على الحجاج في ولايته، كابن الأشعث لما خلع بيعة أمير المؤمنين عبد الملك وخلع طاعة والي العراق الذي هو الحجاج واجتمع معه خلق كثير، حتى أن منهم كثير من علماء التابعين في ذلك الوقت، فحصل أنهم لما انتصر عليهم الحجاج فُرِّقوا وقُتلوا، وقتل بذلك خلقًا كثيرًا، وكان من آخرهم سعيد بن جبير -رحمه الله-.
كذلك أيضًا الفارس أو المقاتل الفاتح العظيم الذي هو قتيبة بن مسلم لما خلع طاعة سليمان بن عبد الملك حصل أنه قوتل حتى قتل، وقال ابن كثير إنه ينطبق عليه الحديث أن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، ولكن ترحّم عليه؛ لأنه كان له جهد في الجهاد، وفتح الكثير من البلاد، بلاد السند وما وراء النهر .
وهكذا ابن المهلب لما خلع أيضًا الطاعة، وحاول أن يستبد بالأمر، حصلت فتنة.
وهكذا في آخر عهد بني أمية خرج زيد بن علي بن الحسين وحاول أن يتم له الأمر، فقتل وقتل من معه واضطهدوا.
وكذلك في خلافة المنصور خرج اثنان من العلويين، وهما محمد بن عبد الله بن الحسن وأخوه العباس وكل منهما بايعه خلق كثير، ثم قُتلوا.

وبكل حال، فلا يجوز الخروج على الأئمة، لما يحصل بذلك من الإذلال والإهانة لأهل الخير، ومعلوم أن الأئمة في أيديهم الولاية فتجب طاعتهم إلا في المعصية، ويحرم الخروج عليهم إلا لما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان . وقال، لما قيل: ألا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة .
فمتى كانوا يقيمون الصلاة ويُظهرون شعائر الإسلام؛ ولو حصل منهم خلل أو نقص، أو لوحظ على بعضهم شيء من المعاصي والتقصير، فإن ذلك لا يسبب الخروج عليهم.

line-bottom